فتوى للشيخ محمد أبو الهدى اليعقوبيالحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أما بعد
فهذه فتوى مؤيدة بالأدلة والنصوص حول حكم صلاة الجمعة
في البلدات التي تتعرض للقصف
والمناطق التي فيها حواجز للجيش والمخابرات في سورية:
١- تسقط الجمعة عن سكان المدن التي تتعرض للقصف
إذ حفظ النفس من أهم أصول الشريعة
٢- تسقط الجمعة عن المقاتلين المرابطين على الجبهات
إذ ما هم فيه من سد الثغور ودفع العدو أهم وأعظم
والصلاة تفوت إلى بدل هو الظهر وترك الثغور يقوض خطوط الدفاع
ويعرض الناس للهلاك ولا عوض لذلك وللجمعة بدل هو الظهر.
٣- تسقط الجمعة عن كل من كان في طريقه إلى المسجد حاجز عسكري
لما تواتر من تعرض الناس للخطف والقتل على الحواجز
ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح
وخطر الوقوع في أيدي هؤلاء المجرمين يسقط وجوب الجمعة.
٤- يصلي جميع هؤلاء الظهر تاما أربع ركعات فرادى بغير جماعة (عند الحنفية)
بعد فراغ الجمعة أي ينتظرون مقدار انتهاء الخطبة والجمعة ثم يصلون الظهر.
تفصيل الأحكام مع النصوص:توجه إلينا السؤال حول صلاة الجمعة والجماعة في سورية
في المناطق التي تتعرض للقصف حيث أن النظام المجرم
يتعمد قصف المساجد وقت الصلاة وقد سقط المئات من القتلى بسبب ذلك،
هل تسقط صلاة الجمعة في مثل هذا الحال
أم يجب حضور الجمع والجماعات ولو كان في ذلك تعرض للهلاك؟
والجواب:
أن صلاة الجمعة تسقط بعدة أعذار كالمطر الشديد الذي تنقطع معه الطرق
وتسقط أيضا بسبب المرض.
ومن الأعذار التي تسقط صلاة الجمعة الخوف
فإن الشريعة إنما جاءت لحفظ الأنفس وليس في أي من أحكام الشريعة
ما يعرض الإنسان للهلاك ومن قواعد الفقه:
"المشقة تجلب التيسير وكلما ضاق الأمر اتسع"
وصلاة الجمعة تفوت إلى عوض وبدل هو الظهر
وأصل ذلك حديث النبي عليه الصلاة والسلام في سنن أبي داود
عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"من سمع النداء فلم يمنعه من اتباعه عذر -
قالوا وما العذر يا رسول الله؟
قال: خوف المرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى"
والمرض عذر وكل ما يسقط الجماعة من الأعذار يُسقط الجمعة.
وفي كلام الفقهاء النص على أن الجماعة والجمعة
تسقط عن كل من خاف على نفسه الضرر من السلطان
أو خاف على ماله أو خاف على ولده إن تركهم في الدار.
جاء في تنوير الأبصار وشرحه الدر المختار في المذهب الحنفي
في حكم صلاة الجماعة:
"ولا تجب على مريضٍ ومقعدٍ وزَمِـنٍ ومقطوع يد ورجل من خلاف
ومفلوجٍ وشيخ كبير عاجز وأعمى وإن وجد قائدا
ولا على من حال بينه وبينها مطر وطين وبرد شديد
وظلمة كذلك وريح ليلا لا نهارا وخـــوف على ماله
أو من غريم أو ظالم.
وفي حاشية الطحطاوي: يخافه على نفسه أو ماله".
ومن شرائط وجوب الجمعة عند الحنفية:
"عدم حبسٍ وعدم خوف" كما في الدر المختار
وعلق الطحطاوي في الحاشية بأنه يدخل فيه
الاختفاء من السلطان والخوف من اللصوص.
وأهلنا اليوم أشد ما يكونون خوفا في المناطق
التي ما زالت بأيدي قوات النظام تعيث فيها فسادا وقتلا وتعذيبا.
قال شمس الدين ابن قدامة في الشرح الكبير على المقنع
عند قول صاحب المتن في أعذار ترك الجماعة:
"والخائف من ضياع ماله أو فواته
أو ضرر فيه على نفسه من ضرر أو سلطان"
وقسم الشارح الخوف إلى ثلاثة أنواع:
الخوف على نفسه والخوف على ماله والخوف على ولده
وكل ذلك يسقط الجماعة ونقل قول الشافعي:
"ولا نعلم فيه خلافا" قال:
"وقد استصرخ ابن عمر على سعيد بن زيد بعد ارتفاع الضحى
وهو يتجمر للجمعة فأتاه بالعقيق وترك الجمعة"
ومن هذا الباب تسقط الجمعة عن المقاتلين المرابطين على الجبهات،
فإن ما هم فيه من الوقوف على الثغور ودفع العدو واجب عظيم
لا يجوز تركه ولو للجمعة أو للجماعة فإن ذلك يفوت إلى عوض
وترك الثغور فيه تمكين للعدو،
ومن أجل ذلك شرعت صلاة الخوف ونزلت في محكم التنزيل.
وتسقط الجمعة عن كل من خاف على نفسه
إن خرج من داره أن يأخذه العدو أو خاف على نفسه
أن يأتي العدو إلى داره ويأخذ ولده أو ماله.
وأخص بهذا أهل دمشق فإن الحواجز قد كثرت في دمشق
وازدادت معاملة المخابرات للناس سوءا وقد قتل كثير من الناس
على الحواجز كما اعتقل واختطف كثير،
ولذلك فإننا نقول إن الجمعة في مثل هذه الأحوال تسقط
عن كل من لا يستطيع الوصول إلى الجامع إلا بالمرور على حاجر عسكري.
قال في الدر المختار:
"وكره تحريما لمعذور ومسجون ومسافر
أداء ظهر بجماعة في المصر قبل الجمعة وبعدها ...
وكذا أهل مصر فاتتهم الجمعة بجماعة
فإنهم يصلون الظهر بغير أذان ولا إقامة ولا جماعة.
ثم قال الطحطاوي:
"ويستحب للمريض وكذا كل معذور كما في القهستاني
[صاحب جامع الرموز شرح مختصر الوقاية]
تأخيرها إلى فراغ الإمام".
نسأل الله تعالى الفرج لأهلنا والنصر لثورتنا
والرحمة لشهدائنا والفكاك لأسرانا والشفاء لجرحانا.