وجهت عدة صحف جزائرية انتقادات لاذعة للسعيد بوتفليقة
شقيق الرئيس عبد العزيز بوتفليقة،
بسبب ما أسمته "استحواذه" على السلطة،
في ظل غياب أخيه المريض بمستشفى فرنسي.
ويشغل السعيد بوتفليقة منصب مستشار في الرئاسة برتبة وزير،
وعين بمرسوم غير منشور.
بينما يرقد أخوه الرئيس بمركز ليزانفاليد بباريس للنقاهة،
بعدما كان نقل إلى مستشفى فال دوغراس العسكري،
إثر تعرضه لجلطة دماغية.
والسعيد بوتفليقة، وهو أستاذ سابق لمادة الرياضيات
بجامعة العلوم والتكنولوجيا بالعاصمة،
كان قد برز نجمه في الأوساط السياسية والإعلامية منذ العام 2005،
حين مرض الرئيس ونقل لنفس المستشفى.
وكثر الكلام عنه، وعن تحكمه في عدة ملفات،
وكذا سلطته في تعيين مقربين له
أو موالين في عدة مناصب حساسة داخل الدولة.
هذا الكلام كان مقتصرا في البداية بقاعات تحرير الصحف
وفي المجالس الخاصة، وكان المصدر
إما وزراء سابقين أو مسؤولين استغني عنهم أو جهات أمنية.
لكن، ومنذ ما يقارب الشهرين، أقحم اسم السعيد،
في جرائد توصف بـ"القريبة من دوائر صنع القرار"،
مرتبطا بملفات فساد،
وهو ما أعطى لنظرية صراع جناحي السلطة
(الرئاسة-الاستخبارات) ترجيحا كبيرا.
مرض الرئيس الجزائري فسح المجال أمام الحديث
عن الدور المتنامي لشقيقه (الأوروبية)
سلطات واسعة
ونشرت جريدة الوطن الناطقة بالفرنسية
في الأسبوع الأخير من أبريل/نيسان الماضي مقالا،
تساءلت فيه عما إذا كان شقيق الرئيس بوتفليقة
متورطا في قضايا فساد بشركة النفط الحكومية (سوناطراك)،
مع الشركة الإيطالية (سايبام).
ولم تمر 72 ساعة من نشر تلك المقالات
حتى أعلن عن نقل الرئيس بوتفليقة
إلى باريس للعلاج في 27 من نفس الشهر،
فخفت حدة الانتقادات تجاهه.
لكن علت أصوات من أحزاب وشخصيات
وصحف تطالب بالتقرير الطبي للرئيس بوتفليقة،
ومدى أهليته في إدارة دفة الحكم.
ورغم الضغط الإعلامي والسياسي الكبير الممارس لم يظهر الرئيس،
فعادت الصحف لتتهم السعيد بوتفليقة بـ"احتجاز"
أخيه الرئيس بالمستشفى، ورهن معه البلاد ومستقبلها،
على اعتبار أن المستشفى غير مخول له
إعطاء تفاصيل عن مرضاه إلا بموافقة عائلية.
وقالت صحيفة جريدتي في مقال لمديرها الإعلامي
الضابط السابق هشام عبود،
إن "الجزائر ورئيسها رهائن في قبضة السعيد بوتفليقة"
قبل أن تصف ذلك بـ"انقلاب على نظام الحكم".
وأضاف عبود في المقال "السعيد بوتفليقة
الأخ الأصغر لرئيس الجمهورية يعتقد نفسه في نظام ملكي
يسمح له بالدوس على مؤسسات الجمهورية،
بتصرفه هذا قام بانقلاب على نظام الحكم ولم يحرك أحد ساكنا".
ونعتت الوطن السعيد بوتفليقة بـ"العار"،
وقالت في إحدى مقالاتها ما ترجمته إن "الرئيس مكرر،
نائب الملك، صانع القرار السياسي بالجناح الرئاسي..
الأخ الأصغر والمستشار الخاص لرئيس الجمهورية،
السعيد بوتفليقة، يجمع بطريقة غير رسمية
سلطات واسعة ونفوذا كبيرا في العديد من المجالات".
عبود قال إن السعيد بوتفليقة يستغل مرض شقيقه
ويتصرف كأمير (الجزيرة نت)
دوائر القرار
وسألت الجزيرة نت مدير جريدتي
مؤلف كتاب "مافيا الجنرالات" هشام عبود،
عن دوائر القرار النافذة حاليا بالبلاد،
فأجاب "لم تبق هذه الدوائر منذ تفكيك العلبة السوداء
من طرف الرئيس الحالي
والتي كانت متكونة من 11 جنرالا،
ولم يبق من العلبة إلا الخيال".
لكن الآن، يضيف عبود، نرى السعيد بوتفليقة يتصرف كأمير،
يعين من يشاء ويعزل من يشاء،
مستغلا مرض أخيه الرئيس.
ويرى المتحدث أنه حتى دائرة الاستعلامات والأمن (المخابرات)
ليس لها ذاك النفوذ الذي يتحدث عنه الكثيرون،
جاعلين منها "بعبعا" يخوفون به الناس،
مستدلا بصمت الأخيرة عن شخص ليس له أي تخويل دستوري
(السعيد بوتفليقة) يصير هو صاحب الربط والحل، حسب تعبيره.
لكن الكاتب الصحفي مدير جريدة ليكسبريسيون
الناطقة بالفرنسية أحمد فطاني يرى خلاف ذلك،
ويعتقد أن السعيد بوتفليقة هو مستشار خاص،
والرئيس بحاجة إلى رجال ثقة يتكتمون على المهمات الموكلة لهم.
وقال فطاني للجزيرة نت "بأي صورة قانونية
يمكن للسعيد بوتفليقة أن يعين
أو يعزل المسؤولين مثلما يدعيه البعض؟
يمكن له بحكم قربه من الرئيس أن يقترح له،
لكن القرار الأخير يعود للمسؤول الأول عن البلاد الذي انتخبه الشعب".
ويرى فطاني أن ما تقوم به بعض الصحف
ما هي إلا "حملة" و"مغالطات"،
الخاسر فيها الأول هو استقرار البلد".
ورد عبود على هذا الكلام بالقول
"أنا لما كتبت التحقيق قدمت أدلة،
ولم أمارس الدعاية،
وإذا أردتم مثالا فاسألوا وزير الاتصال (محمد سعيد)
من منعه من إقالة مدير صحيفة المساء الحكومية؟".