ثالثاً:
المروءة:
لمروءة هي اتصاف النفس بصفات الكمال الإنساني التي فارق بها الحيوان البهيم،، وهي غلبة العقل للشهوة، وحدُّ المروءة: استعمال ما يُجمل العبد ويزينه، وترك ما يدنسه ويشينه، سواءٌ تعلق ذلك به وحده، أو تعداه إلى غيره. المروءة خلق جليل وأدب رفيع تميز بها الإنسان عن غيره من المخلوقات المروءة خَلَّةٌ كريمة وخَصْلَةٌ شريفة وهي أدب نفساني تحمل الإنسان على الوقوف عند محاسن الأخلاق وجميل العادات فالمروءة صدقٌ في اللسان ، واحتمال للعثرات ، وبذل للمعروف ، وكف للأذى ، وصيانة للنفس ، وطلاقة للوجه ، المروءة من خصال الرجولة فمن كانت رجولته كاملة كانت مروءته حاضرة . وأهم دواعي المروءة شيئان: أحدهما: علو الهمة. والثاني: شرف النفس. في الإسلام تعتبر
المروءة خلق جليل وأدب رفيع من مكارم الأخلاق التي دعى اليها.
وحسب المعجم الوسيط
المُرُوءَةُ هي
آدابٌ نفسانيَّةٌ تحمِلُ مُراعاتُها الإنسانَ على الوقوف عند محاسِن الأخلاق وجميل العادات ، أَو هي كمال الرُّجوليَّة . [1] قال الإمام الشافعي " والله لو كان الماء البارد يُنقص من مروءتي لشربته حاراً "
قال بعض السلف:
خلق الله الملائكة عقولاً بلا شهوة، وخلق البهائم شهوة بلا عقول، وخلق ابن آدم وركّب فيه العقل والشهوة، فمن غلب عقله شهوته التحق بالملائكة، ومن غلبت شهوته عقله التحق بالبهائم.عوامل تحقيق المروءة:
- . علو الهمة والتطلع إلى أصحابها فكلما علت الهمة ازدادت المروءة .
- . شرف النفس واستعفافها ونزاهتها وصيانتها .
- . اختيار الزوجة الصالحة مما يعين على تحقيق المروءة فهي مع الزوج حرصا منها على سمعته ومصلحته وشخصيته " فاظفر بذات الدين تربت يداك " [ رواه البخاري ]
- . مجالسة أهل المروءات ومجانبة السفهاء وأهل السوء .
وقال الحُصين بن المنذر الرقاشي:
| |
إن المروءة ليس يدركها امرؤٌ | | ورث المكـارم عن أبٍ فأضاعها |
أمرته نفسٌ بالـدناءة والخنا | | ونهته عن سُبُل العـلا فأطاعهـا |
فإذا أصاب من المكارم خُلَّةً | | يبني الكريمُ بهـا المكــارم باعها |
أنواع المروءة:
1. المروءة مع الله تعالى:
بالاستحياء منه حق الحياء وأن لا يقَابَل إحسانه ونعمته بالإساءة والكفران والجحود والطغيان ، بل يلتزم العبد أوامره ونواهيه ويخاف منه حق الخوف في حركاته وسكناته وخلواته وجلواته وأن لا يراه حيث نهاه ولا يفتقده حيث أمره .
2. المروءة مع النفس:
بحملها على ما يجمّلها ويزينها وترك ما يدنّسها ويُشينها فيحرص على تزكيتها وتنقيتها وحملها على الوقوف مواقف الخير والصلاح والبر والإحسان مع الارتقاء بها إلى مراتب الحكمة والمسؤولية لتكون الناصح الأقرب إليه والواعظ الأكبر له " قد أفلح من زكاها * وقد خاب من دساها "
3. المروءة مع الخلق:
بإيفائهم حقوقهم على اختلاف منازلهم والسعي في قضاء حاجاتهم وبشاشة الوجه لهم ولطافة اللسان معهم وسعة الصدر وسلامة القلب تجاههم وقبول النصيحة منهم والصفح عن عثراتهم وستر عيوبهم واحتمال أخطاءهم وأن يحب لهم ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه
إذا علمنا أن المروءة هي استعمال كل خلق حسن، واجتناب كل خلق قبيح؛ فإن لكل عضو من الأعضاء مروءة على ما يليق به:
- فمروءة اللسان: حلاوته وطيبه ولينه.
- ومروة الخلق: سعته وبسطه للحبيب والبغيض.
- ومروءة المال: بذله في المواقع المحمودة شرعًا وعقلاً وعرفًا.
- ومروءة الجاه: بذله للمحتاج إليه.
- ومروءة الإحسان: تعجيله وتيسيره، وعدم رؤيته، وترك المنة به.
وهذه هي مروءة البذل والعطاء، أما مروءة الترك فتعني ترك الخصام والمعاتبة، والمماراة، والتغافل عن عثرات الناس.
امثلة المروءة:1. لزوم الحياء والتواضع والحلم وكظم الغيظ وصدق اللهجة وحفظ الأسرار والإعراض عن الجاهلين .
2. الشوق للإخوان والتودد لهم والحذر من إيذائهم أو جرح مشاعرهم بقول أو فعل أو إشارة مع الحرص على إدخال السرور على نفوسهم ، يقول عمر بن عثمان المكي " المروءة التغافل عن زلل الإخوان " .
3. صيانة العرض والبعد عن مواطن الريب والسخرية والغيرة على الدين والمحارم والعفة في النفس وعما في أيدي الناس
4. البر والصلة للوالدين وذات الرحم مع قبول إساءتهم بالإحسان وخطأهم بالعفو والغفران .
5. نشر الجميل وستر القبيح مع ملازمة التقوى والعمل الصالح فهي جماع المروءة وأعلاها .
6. تَجَنُّبُ المنةِ واستكثار القليل من المعروف ، قال سفيان الثوري " إني لأُريدُ شربَ الماءِ ؛ فيسبقني الرجل إلى الشربة ، فيسقينيها فكأنما دَقَّ ضلعاً من أضلاعي ؛ لا أقدر على مكافأته "
7. نظافة البدن وطيب الرائحة والعناية بالمظهر بلا إسراف ولا مخيلة مع الاهتمام بالباطن وإصلاحه ، يقول عمر بن الخطاب " من مروءة الرجل نقاء ثوبه ، والمروءة الظاهرة في الثياب الطاهرة "
8. تجنب الفضول ومراعاة العادات والأعراف ما لم تخالف الشرع الحكيم .
9. القيام بحقوق الجار من إكرام وإحسان وحماية ونصرة وكف للأذى مع احتمالهم وقبولهم على ما هم عليه .
10. ألا يفعل مرءالمرء في السر ما يستحيي من فعله في العلانية.
اهمية المروءة:" إن الله يحب معالي الأمور وأشرافها ، ويكره سفسافها " [ السلسلة الصحيحة ج4 ح 1627 ] 1. ولأهميتها فقد جعلها كثير من المحدثين شرطا في الراوي حتى يُقبل حديثه ، فمتى ما انخرمت مروءته تركوا حديثه .
2. قيل لسفيان بن عيينة " قد استنبطت من القرآن كل شيء فأين المروءة في القرآن " قال في قول الله " خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين " ففيه المرءوة وحسن الآداب ومكارم الأخلاق ، فجمع في قوله " خذ العفو " صلة القاطعين والعفو عن المذنبين والرفق بالمؤمنين ، وفي قوله تعالى " وأمر بالعرف " صلة الأرحام وتقوى الله في الحلال والحرام ، وفي قوله تعالى " وأعرض عن الجاهلين " الحض على التخلق بالحلم والإعراض عن أهل الظلم والتنزه عن منازعة السفهاء ومساواة الجهلة وغير ذلك من الأفعال الحميدة والأخلاق الرشيدة .