النظام السوري و النظام العالمي
لماذا استمر النظام السوري كل هذه المدة ؟
هل المجتمع الدولي لم يفعل شيئا حيال ما يجري في سوريا ؟
أو هل النظام العالمي بقي صامتا أمام بطش النظام السوري ؟
و كيف يتهم البعض الإدارة الأمريكية بالضعف و عدم اتخاذ موقف من الأزمة السورية ؟
وهل من المقبول أن يقول البعض أن الاتحاد الأوروبي و الناتو وقف عاجزا عن التدخل في الأزمة السورية .
مع احترامي لكل من يأخذ بهذا القول فهو يقع في لغط كبير فجميع ما ذكر سابقا هي عناصر فعالة و فعالة جدا في أحداث سوريا و داعمة للنظام و لا أحد من أقطاب المعارضة المحتضنين في دول غربية يجرؤ على هذا القول, لأنه سيتحول ببساطة لشخص غير مرغوب فيه و يرمى لسفاح سوريا ليتلذذ بالتنكيل به .
و كيف لنظام فقد أهم عوامل الصمود الداخلية أن يستمر لولا الدعم الخارجي على حساب السيادة و المصالح الإستراتيجية للبلد ؟
فنظام بشار لم يتبقى له رصيد من السوريين إلا ثلة من ذوي العاهات العقلية الإجرامية التي لا تفقه سوى اللعن و الاهانة و بعض من السكارى و المدمنين أصحاب الرؤوس المقفلة و شريحة أخرى من اللصوص و عبدة المال و كل هؤلاء لا يصلحون لإدارة بلدة تضم عشرة رجال فكيف على بلد مثل سوريا .
حقيقة أن الناتو فعال بدعم سفاح سوريا حقيقة واضحة يؤكدها راسموسين كل بضعة أيام عندما يشغل راداره السياسي بعيد المدى و يكشف للسفاح الأفق الخالي من أي عمل عسكري و يعطيه الضوء الأخضر للإمعان بالجريمة .
و إن توقف رادار راسموسين يوما خرج رئيس دولة غربية أو وزير دفاعها أو خارجيتها أو حتى رئيس وزرائها لأداء نفس المهمة فحصل تناغم قوي بين الكتل المكونة للنظام العالمي، الغرب و الناتو يقدم الدعم المعنوي و يطمئن القتلة و موسكو و إيران تتكفل بخطوط الإمداد العسكري .
و حقيقة أن أمريكا و خارجيتها المتباكية على أطفال سوريا لا يستطيع أحد التشهير بها لأن كل معارض من ثورتنا ينتقد أمريكا تلقائيا سينسب لأحد قطبين إما جبهة الممانعة الأشد إجراما (نظام إيران, سوريا, حزب الله ) أو القاعدة المحكوم منسوبيها بقوانين خارج إطار التعامل الإنساني فسياسة أمريكا التي تمثل خط أحمر لا يمكن انتهاكه من قبل معارض هي نفسها السياسة التي تداس بأحذية أطفال الثورة السورية لذا كان لزاما على كل معارض التوافق مع الشعب و ليس مع الغرب و لا يغيب عن بالنا أن معارضي نظام الأسد المناوئين لسياسة أمريكا الجمهورية هم موافقين على سياسة أمريكا الديمقراطية و كلا السياستين تجمعان سرا على أن نظام الأسد الدموي كان و لا يزال النموذج المفضل لحكم دول العالم العربي و الإسلامي و خصوصا دول الطوق المجاور للطفل المدلل إسرائيل و ما تخليهم عن الأسد إلا لاستبداله برديف مماثل في النهج مختلف في المسمى وهذا ما لن يكون ممكنا بعد اليوم حتى لو نزلت السماء على الأرض .
و لن ننسى أن نقدم الشكر لهيلاري كلنتون الممثلة لسياسة أمريكا الخارجية في مجلس الأمن التي شاركت بالحفل الراقص لشبيحة النظام الذي بدأ بعد ارتفاع الذراع الروسي و الصيني بالفيتو و بينما كان شبيحة الأسد يرقصون على الدماء كانت هيلاري كلنتون تلقي كلمتها التي تؤكد فيها أنه لن يكون هناك عمل عسكري ضد سوريا لتعطي زخما و دفعا أقوى لهؤلاء و هي نفسها التي صرحت أن إحالة مجرمي دمشق للجنايات الدولية سيعقد الأزمة..!!
فكيف لا تستحق أمريكا الشكر على هذا الوضوح الذي جعل السوريين أكثر اعتمادا على أنفسهم لإزالة السفاح مهما كلف الثمن .
أما الموقف الروسي و الصيني و بعض التوابع في فلكه كالهند و فنزويلا فهو أقل عارا و أقل خطورة من مواقف الغرب فهو صريح غير مبطن رغم أنه يتنكر للإنسانية بوقاحة لكنه واضح بلا خفايا و نعلم أن درك الكفر أقل سوءا من درك النفاق .
و ما لمواقف الدول العربية العاجزة تماما قيمة اللهم إلا ما هو تغاضي عن حماس الشعوب لنصرة أشقائهم بسوريا و ما هذا التغاضي إلا لتنفيس الاحتقان الذي قد ينفلت لو حبس ، و لو وجد حكام العرب مرجلا يحبس حماس شعوبهم و لا ينفجر لحبسوها .
و فجأة و من بين كل هذه المواقف يخرج الطرف الأهم عن صمته و هذا الخروج أشبه بتدخل المعلم الخبير في معضلة عجز عن حلها تلامذته فيتدخل بعد صمت طويل و بعد أن يزعجه فشل من هم دونه أو بعد أن يتضح له أن المعضلة صعبة و تحتاج تدخلا منه فكان التصريح الإسرائيلي حول سوريا مخالفا لنهجها الصامت و المراقب مع ثورات الربيع العربي الأخرى و المعلم أو (شيخ الكار) يجد لنفسه المبررات لو فشل بحل المعضلة فيدعي أنه هو كان يريد أن يتلف المنتج لأنه لا يعجبه فنسمع تصريحات عسكري إسرائيلي رفيع أن سقوط نظام الأسد مطلب إسرائيلي و قبل أن يتلقف إعلام الأسد هذه الشهادة ليتهم الشعب السوري أنه من حلفاء إسرائيل يفسدها عليه نفس العسكري الإسرائيلي فيقول لو سقط الأسد و فقد السيطرة على ترسانة الأسلحة النوعية فستفقد إسرائيل تفوقها العسكري ، و يكشف أخطر معادلة رغم أن كل السوريين يدركونها إلا أن الأسد و نظامه ينكرها و المعادلة هي أن سلاح الأسد النوعي يعتبر من عناصر التفوق الإسرائيلي الذي سينتهي بانتهاء الأسد ،
و يحاول الإسرائيلي المتخبط أن يصحح خطؤه فيعلن أنه يتخوف من سقوط السلاح بيد حزب الله فيزداد تخبطا , وهذا ما سيودي به لمحاكم جنرالات الصهاينة الفاشلين في تمويه مواقف إسرائيل فكيف الخوف من حزب الله و الخوف على حليفه الأول نظام الأسد فهل أكبر من هذا التخبط ,
فالحقيقة المذهلة أن ثورة سوريا تمردت على كل الخطوط الحمراء و خاضت في التحرر أشواطا أبعد من الخيال و سخرت من كل أفكار النظام العالمي المحاطة بقدسية مصطنعة فبدأت بشعار (بائع الجولان ) لتكشف أكبر كذبة أجمع عليها العالم على أن الأسد عدو إسرائيل, هذه الكذبة التي كان الخوض فيها مغامرة من أخطر المغامرات في كل الإعلام العالمي من الشرق للغرب صارت تتردد و تكتب بأيدي أطفال سوريا لتوضح لكل من خاف من قدسيتها الزائفة كم كان غبيا عندما كان يحجم عن توضيح هذه الحقيقة التي اكتشفنا أن كل أطفالنا يعرفونها .
و إن كان شبيحة الأسد مطمئنين و يكررون يوميا مقولة أنه لا توجد قوة إقليمية على الأرض ستعيق مسيرتهم فينغي أن لا تغيب عنهم حقيقة : أنه لا توجد قوة على الأرض تستطيع أن تنقذهم هم و زعيمهم من النهاية الحتمية و من القصاص المؤكد .